تضامن اللاجئين مع اللاجئين في الموت والموتى

من قبل إيلينا فيديان-قاسمية، جامعة كلية لندن (UCL) ، يوسف م. قاسمية، جامعة أكسفورد (University of Oxford)

البدّاوي مخيمٌ للاجئين الفلسطينيين في منطقة حضرية على ضواحي طرابلس شمال لبنان. منذ نشوء المخیم في الخمسینات من القرن الماضي، كان مسكناً للفلسطينيين المقيمين وأحفادهم منذ ذلك الحین، وللاجئين الآخرین النازحین من داخل لبنان وخارجه. ومن بين هؤلاء اللاجئين الفارين مؤخراً من سوريا: السوريون والأكراد واللاجئون الفلسطينيون والعراقيون المقيمون سابقاً في سوريا

هذه الأفكار والصور المرافقة هي جزء من مشروع بحثي مدته 4 سنوات بتمويل من مجلس بحوث الفنون والعلوم الإنسانية (AHRC)، ومجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية (ESRC) في المملكة المتحدة ، لدراسة مساحات متنوعة من التلاقي بين اللاجئين من سوريا والمجتمعات المضيفة في المخيمات والمدن في جميع أنحاء لبنان والأردن وتركيا. وفي سياق تركيز هائل على التوترات و / أو الأفعال المتعلقة بالاستضافة بين الأشخاص الأحياء، إلا أننا هنا نوجّه اهتمامنا إلى التضامن في حالات الموت والأموات، إذ أن المقبرة تشكل نقطة مركزية لكل من الأحياء والموتى، لتصبح الشيء الوحيد الثابت للمخيم. ولما كان هذا المخيم يدخله لاجئون مختلفون، فإنه يصبح تجمّعاً وجامعاً في الوقت نفسه. وكذلك فإن المقبرة أيضاً، تعكس صدى هذه الازدواجية

أيهما أقدم: المخيم أو المقبرة؟

في قلب مخيم البدّاوي للاجئين، ومنذ نشأته المبكرة، استضافت المقبرة الأحياء والموتى. كان من الممكن اقتفاء وصول الأحياء إلى المخيم عن طريق وصول الموتى. ومن تلك النواة، تنامى المخيم، وكذلك سكانه. ومع مرور الوقت، ومع قيام حروب نتج عنها قادمون جُدد – فلسطينيون من مخيمات أخرى، سوريون، أكراد، عراقيون … – نمت المقبرة فتجاوزت حدود مساحتها الأصلية. وراح المخيم يرتفع أكثر ويضيق أكثر ويغدو أكثر كثافة. وأصبح في مخيم البدّاوي مقبرة ثانية، فثالثة، … والآن خامسة، للبدّاوي ولما حوله

Figure 2
الشكلان 1 و 2 (أدناه): في قلب مخيم البدّاوي التاريخي والحقيقي والمجازي، تقبع المقبرة الأصلية التي لا تزال تستضيف سكان المخيم الأصليين. (c) إيلينا فيديان – قاسمية. كانون الأول/ديسمبر 2016

Figure 1

As he digs, the name digs with him. The shovel of noise is the name.

أبو دياب، حفّار القبور الوحيد في المخيم، يعمل بلا توقف: يومان لحفر قبر واحد

مستشعراً وصول الموت، يدخل المقبرة الأحدث ويبدأ التحضيرات. القبور الآن أقلّ عمقاً،  نصف ما كانت عليه من العمق، لعددٍ من السكان يتضاعف مع كل حرب. يتحدث عن براغماتية الموت فيقول: “أنا أحفر من أجل الأحياء، وأحفر من أجل الموتى”. كي يعيش ويحافظ  على الحياة، وليصون كرامة الموتى وعزاء أولئك الذين لا يزالون أحياء

Figure 3.JPG
الشكل 3. يدا أبو دياب أثناء الاستراحة. (c) إيلينا فيديان – قاسمية. كانون الأول/ديسمبر 2016

They die, they say, so they remain.

The place is never theirs. Nor is the name.

Determining a place consists in determining the death of its people at the same time

أولئك اللاجئين الذين غادروا المخيم في الحياة يعودون إليه في الموت: شعورٌ بالانتماء إلى تلك الأرض، “أرضٌ” هي أرضهم وإنْ بقيت “أرضهم” في مكان آخر. وأولئك الذين يعيشون على حدود المخيم – والذين لا تمنحهم المواطنة ثروة تكفي لدفنهم في قبر مواطن – يصلون إلى مكان ليس خاصتهم. الآن، أصبحت المساحات المشتركة أكثر كثافة، لأن المخيم ومقابره يرحّبان بالأحياء والأموات والموتى الذين نشأوا في مكان آخر- في بعض الأحيان، دائماً – بالفعل في منتصف الزمن

Figure 4.JPG
الشكل 4. تستمر عتبات المخيم في التوسع، مما يجعل بداية ونهاية المقبرة والمنازل المحيطة بها غير واضحة. (c) إيلينا فيديان – قاسمية. كانون الأول/ديسمبر 2016

The tombstone, to a certain extent, to the extent of the farthest extent,

is what the dead cannot see but sense.

The name is high, but whose name is it that is in the grave?

إن شواهد القبور في المقبرة الجديدة – التي باتت الآن ممتلئة، ولم تعد الآن هي الأحدث – تحمل الآن الأسماء والتواريخ وبلاد المنشأ والتي ترسم مسار الرحلات الأكثر طولاً: “وُلد في حيفا عام 1945 … توفي في البدّاوي في يوليو / تموز 2016 … فلسطيني من سوريا …” كلمات عن الميت- وأكثر – تحكي عن دول اللجوء المتعددة، والماضي، والمكان

Figure 5
الشكلان 5 و 6 (أدناه). شاهدة القبر هذه، التي تشير إلى قبرٍ في المقبرة الخامسة في المخيم، تقدم شهادةً على معالم الرحلة التي انتهت إلى هذا المكان. (c) إيلينا فيديان – قاسمية. كانون الثاني/ يناير 2017

Figure 6

It is not a right to bury yourself amidst those people, in the graves that they never own, but it is the right that has failed to become a right on its own, on its naked own, so it would self-dilapidate until all resurrects.

The tombstone is the concrete identifier of origins.

من سوريا، وصل قادمون جُدد إلى البدّاوي: سوريون وفلسطينيون وعراقيون وأكراد يتشاركون جميعاً التراب نفسه الآن

When he died, an orchard of dialects grew on the tongue.

في حين أن المقبرة الأحدث التي تولد على محيط المخيم، خضراء بسبب البراعم التي انبثقت من أكوام التلال المحفورة مؤخراً، ما تزال المقبرة الأصلية في نواة المخيم

Figure 8
الشكل 8. المقبرة هي واحدة من “المساحات المفتوحة” الوحيدة في المخيم، وهي الآن- وكانت دوماً – مساحة هامة للعب للأطفال. (c) إيلينا فيديان – قاسمية. كانون الأول/ يناير 2016
Figure 9
الشكل 9. الأطفال يلعبون في المقبرة الأصلية في مخيم البدّاوي للاجئين. (c) إيلينا فيديان – قاسمية. كانون الأول/ يناير 2016

Since everything overlooks a cemetery,

it is the cemetery that is a camp more than the camp itself.

The camp never dies. It is its own God.

على الأرض، يمكنك تمييز المقبرة بأرضيتها الإسمنتية وبوجود أطفال يلعبون على أرضها، ومن السماء، يمكنك تمييزها بالهلال الذي يلمع فوق مسجد القدس

Figure 10
الشكل 10. يُطل مسجد القدس – في الخلفية – على المقبرة، وهي المساحة الأساسية المشتركة في المخيم في الحياة والموت بالنسبة للاجئين الجدد والمقيمين. (c) إيلينا فيديان – قاسمية. تموز/ يوليو  2016

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s